responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 375
وَقَوْلُهُ: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ يَجْمَعُ التَّحْذِيرَ وَالتَّرْغِيبَ، أَيْ فَلَاقُوهُ بِمَا يَرْضَى بِهِ عَنْكُمْ كَقَوْلِهِ: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ [النُّور: 39] وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَاتَّقُوا اللَّهَ.
وَالْمُلَاقَاةُ: مُفَاعَلَةٌ مِنَ اللِّقَاءِ وَهُوَ الْحُضُورُ لَدَى الْغَيْرِ بِقَصْدٍ أَوْ مُصَادَفَةٍ. وَأَصْلُ مَادَّةِ لَقِيَ تَقْتَضِي الْوُقُوعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَكَانَتْ مُفِيدَةً مَعْنَى الْمُفَاعَلَةِ بِمُجَرَّدِهَا، فَلِذَلِكَ كَانَ لَقِيَ وَلَاقَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِعِلْمِ أَنَّهُمْ مُلَاقُوهُ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ تَنْزِيلًا لِعِلْمِهِمْ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ فِي هَذَا الشَّأْنِ، لِيُزَادَ مِنْ تَعْلِيمِهِمُ اهْتِمَامًا بِهَذَا الْمَعْلُومِ وَتَنَافُسًا فِيهِ عَلَى أَنَّنَا رَأَيْنَا أَنَّ فِي افْتِتَاحِ الْجُمْلَةِ بِكَلِمَةِ: اعْلَمُوا اهْتِمَامًا بِالْخَبَرِ وَاسْتِنْصَاتًا لَهُ وَهِيَ نُقْطَةٌ عَظِيمَةٌ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ [24] .
وَقَدْ رُتِّبَتِ الْجُمَلُ الثَّلَاثُ الْأُوَلُ عَلَى عَكْسِ تَرْتِيبِ حُصُولِ مَضَامِينِهَا فِي الْخَارِجِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَكُونَ الْإِعْلَامُ بِمُلَاقَاةِ اللَّهِ هُوَ الْحَاصِلَ أَوَّلًا ثُمَّ يَعْقُبُهُ الْأَمْرُ بِالتَّقْوَى ثُمَّ الْأَمْرُ بِأَنْ يُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ، فَخُولِفَ الظَّاهِرُ لِلْمُبَادَرَةِ بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ الْجَزَاءِ، وَأُعْقِبَ بِالْأَمْرِ بِالتَّقْوَى إِشْعَارًا بِأَنَّهَا هِيَ الِاسْتِعْدَادُ ثُمَّ ذُكِّرُوا بِأَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ فَجَاءَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيلِ.
وَقَوْلُهُ: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ تَعْقِيبٌ لِلتَّحْذِيرِ بِالْبِشَارَةِ، وَالْمُرَادُ: الْمُؤْمِنُونَ الْكَامِلُونَ وَهُمُ الَّذِينَ يُسَرُّونَ بِلِقَاءِ اللَّهِ كَمَا
جَاءَ: «مَنْ أَحَبِّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ»
، وَذِكْرُ هَذِهِ الْبِشَارَةِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ امْتِثَالَ الْأَحْكَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ، وَجُمْلَةُ:
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ، عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ جَعْلِ جُمْلَةِ: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ، اسْتِئْنَافًا غير معمولة لقل هُوَ أَذًى، وَإِذَا جَعَلْتَ جُمْلَةَ نِساؤُكُمْ مِنْ مَعْمُولِ الْقَوْلِ كَانَتْ جُمْلَةُ قُلْ هُوَ أَذىً [الْبَقَرَة: 222] معطوفة على جملَة:
قُلْ هُوَ أَذىً إِذْ لَا يَصِحُّ وُقُوعُهَا مَقُولًا لِلْقَوْلِ كَمَا اخْتَارَهُ التَّفْتَازَانِيّ.
[224]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 224]
وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)
جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [الْبَقَرَة: 223] عَطْفَ تَشْرِيعٍ عَلَى تَشْرِيعٍ فَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ تَعَلُّقُ مَضْمُونَيْهِمَا بِأَحْكَامِ مُعَاشَرَةِ الْأَزْوَاجِ مَعَ كَوْنِ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى مَنْعًا مِنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست